شارلي إيبدو

Publié le par ELMOUNCHAR

الهجوم على صحيفة شارلي الفرنسية لم يقع البارحة بل تم التحضير له منذ 2006 عبر صحفيي الجريدة نفسهم .كيف لا وقد نشروا مرارا و تكرارا رسوما كاريكاتورية يجسدون فيها نبي الإسلام بنوع من التهكم و تقليل الشأن. و قد قرأنا في عديد الصحف عن أنّ جمعيات مسيحية و يهودية حذّرت الجريدة من مغبة الإستمرار في إهانة المسلمين و لكن مسؤولي الجريدة رأوا في مهاجمة الإسلام وسيلة لرفع المبيعات التي كانت أحد أكثر المشاكل التي تؤرق مسؤوليها .
إنّ الإستهزاء بالآخرين أمر مرفوض من حيث المبدأ تماما و لم تعني حرية التعبير أبدا المساس بالآخرين و هذا ما أقرته جميع التشريعات الوطنية و الدولية و لكن إزدواجية المعايير أدّت إلى حدوث ما حدث من إنزلاق سيؤدي حتما إلى نشر المزيد من الكراهية و الحقد في العالم.
الكل يدرك أن للصحافة دورا كبيرا في المجتمعات و نظرا لهذا الدور فهي ملزمة قانونيا و أخلاقيا و إنسانيا بتحمّل مسؤوليتها إتجاه ما تنشر من مقالات أو رسوم أو غير ذلك. كما أنّ الصحفي المتمرس الملتزم بأخلاقيات المهنة ملزم قبل كتابة أو رسم أي شيء أن يعرف كل الحقائق و الجزئيات حول موضوعه. و لكن الأمر إختلف لدى بعض صحفيي جريدة شارلي كما في جرائد أخرى.
جميعنا يتذكر سفاح أوسلو الذي لم يطلق عليه لفظ إرهابي لأنه صار مصطلحا متعلقا بالمسلمين بامتياز و هذا ما يزيد في نشر الكراهية أكثر فأكثر رغم كل الدعوات إلى حوار الأديان و الحضارات و الذي لم يستطع الوصول إلى ميثاق أخلاقيات يطبّق على الجميع بالعدل و المساواة.
أصبح في وقتنا الحالي التعرض للأديان مهما كانت وسيلة لزيادة الربح و أداة تذكرنا بالدعاية التي كانت تمارسها النازية في ألمانيا و بالتالي فإنّ زيادة المشاعر المناهضة لحرية التعبير أصبحت مبررة عمليا كما أن توقيت صدور هذه الرسومات و المقالات يطرح أكثر من سؤال في ظل التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب و كل أشكال العنف حول جدوى هذه الآليات.
لا ينكر أحد الدور الذي تلعبه الصحافة في العالم لنشر ثقافة السلم و الأمن و نشر التسامح الديني و العرقي و لكن أشباه الإعلاميين حولوا جرائدهم و قنواتهم إلى منابر للحقد و الكراهية و كأنهم أصبحوا يتمتعون برؤية الدم و الدمار و الأشلاء.
إنّ تبرير الأعمال الإنتقامية أمر غير مطلوب و لا مرغوب فيه و لا نفضّله البتة، و لكن وجب أيضا القول بأن الأديان السماوية كلها سواء و لا ينبغي لأحد مهما كان مركزه أن يتحجج بحرية التعبير للمساس بالأخرين و يقلل من شأن مقدساتهم الدينية فكما نستنكر و نندد بالأعمال الإرهابية أينما كانت فإننا نرفض أن تُمسّ المقدسات الدينية لكل الأديان و مهما كان مرتكبها
العالم اليوم بحاجة إلى المزيد من التسامح و التعايش و الطمأنينة و هو ليس في حاجة للإرهابيين كما أنه كذلك في غير حاجة لصحفيين يفتقدون لروح المهنة و يساهمون بأعمالهم في خراب المدن و الأقطار فالإرهاب إرهاب لفظيا كان أو بدنيا أو ماديا أو حتى معنويا .

Publié dans وقفات

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article
B
La liberté n'est jamais absolue même la liberté d'expression. Ils ont semé le vent, ils ont récolté la tempête.
Répondre